المحافظة على الإنسجام في البيت ، وتقوية روابط الأسرة غاية من
الغايات التي يستباح من أجل الحصول عليها تجاوز الصدق.
روي أن ابن أبي عذرة الدُؤَلِي- أيام خلافة عمر – رضي الله عنه كان يخلع النساء آلائي
يتزوج بهن، فصارت له في النساء من ذلك أحدوثة يكرهها ، فلما علم بذلك أخد بيد عبد
الله بن الأرقم حتى أتى به إلى منزله، ثم قال لامرأته: أنشِدُكِ بالله (أسألك) هل تبغضينني ؟ قالت: لا تنشدني بالله
.قال فإني أنشدك بالله .قالت : نعم .فقال لابن الأرقم أتسمع؟ ثم انطلقا حتى أتيا
عمر رضي الله عنه فقال: إنكم لَتُحَدِثُونَ أني أظلم النساء ، وأخلهعن ، فاسأل ابن
الأرقم، فساله فأخبره، فأرسل إلى امرأة ابن أبي عذرة فجاءت هي وعمتها، فقال: أنت
التي تُحَدِثين لزوجك أنك تُبْغِضينَه؟.
فقالت : إني أول من تاب ، وراجع أمر الله تعالى ، إنه ناشدني فتحرجت أن أكذب. أفأكذب يا أمير المؤمنين؟ قال : نعم فاكذبي، فإن كانت إحداكن لا تحب أحدنا فلا تُحَدِثْهُ
بذلك، فإن أقل البيوت الذي يبنى على الحب، ولكن الناس يتعاشرون بالإسلام و الأحساب.
وقد روى البخاري ومسلم عن أم كلثوم رضي الله عنها. أنها سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول :"ليس الكذاب الذي
يصلح بين الناس فيُنْمي خيرا، أو يقول خيرا" قالت : ولم أسمعه يرخص في
شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث يعني الحرب والإصلاح بين الناس ، وحديث الرجل
امراته ، والمرأة زوجها ، فهذا حديث صريح في إباحة بعض الكذب للمصلحة.